تجمع الاصلاح في الجنوب بين نارَي واشنطن وأبوظبي
يمنات
صلاح السقلدي
لا شك في أن عملية الإنزال الخاطفة التي قامت بها قوات الـ«مارينز» الأمريكية، صباح الثلاثاء في 23 مايو، بمحافظة مأرب، والتي استهدفت 12 عنصراً من تنظيم «القاعدة»، يقال إن من بينهم سعوديين وصلوا قبل ساعات على متن سيارتين إلى منطقة الخثلة شمال مديرية الجوبة في مأرب قادمين من محافظة شبوة بحسب تأكيد أمريكي، تأتي اتساقاً مع التصميم الأمريكي القوي على محاربة هذه الجماعات المتطرفة في اليمن من خلال العمليات الخاطفة، والتي ازدادت وتيرتها بوصول الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، للحكم. يأتي هذا بعد أيام على إدراج وزارة الخزانة الأمريكية قياديين يتبعان حزب «الإصلاح» اليمني، هما خالد علي مبخوت العرادة، شقيق محافظ محافظة مأرب، سلطان العرادة، وهاشم محسن عيدروس الحميد، على لائحة العناصر الداعمة للإرهاب، إثر اتهامهما بتسهيل نقل الأسلحة والأموال والأشخاص إلى تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب».
الاستهداف الأمريكي لهذه الجماعات المتطرفة أثار حالة من الهلع لدى حزب «الإصلاح»، وقيادات عسكرية وقبيلة مقربة منه، ليس فقط كون قيادات من صفوفه مدرجة على قوائم الإرهاب الأمريكية، بل خشية من العزم الأمريكي تجاه كل أحزاب الإسلام السياسي في المنطقة، أو ما بات يصفه ترامب بـ«التطرف الإسلامي»، مشدداً على ضرورة محاربته وتجفيف موارده. عزم كان واضحاً أثناء زيارة ترامب إلى الرياض قبل يومين، والتي افتتح خلالها مركزاً لمكافحة التطرف والارهاب هناك. هذا القلق «الإصلاحي» عبر عنه، قبل أيام، بيان صادر عن الحزب تعليقاً على توصيف واشنطن لعدد من قياداته بـ«الارهابية»، معتبراً أنه يعيد إلى الأذهان حالة اعتقال القيادي «الإصلاحي»، الشيخ محمد المؤيد، الذي تم اعتقاله من قبل واشنطن بتنسيق ألماني قبل سنوات، قبل أن يتم الإفراج عنه بعد سنوات من الإعتقال.
وفي السياق نفسه، سارع اللواء علي محسن الأحمر، نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي، يوم الثلاثاء، إلى طلب لقاء عاجل مع السفير الأمريكي لدى اليمن، كمحاولة منه لدى الأمريكان للتخفيف من ضغوطاتهم على الحزب، خصوصاً في هذا الوقت الحساس الذي يتم فيه التحضير لتسوية سياسية مرتقبة للحرب في اليمن، قد يكون فيها حزب «الإصلاح» وبعض من القيادات العسكرية والقبلية المحسوبة عليه خارج هذه التسوية، إن لم نقل قد تكون كبش فداء وأضاحي تسوية على مذبح الرغبة الترامبية لمحاربة «التطرف الإسلامي».
لا شك في أن الحرب المندلعة في اليمن منذ مارس 2015م قد أنعشت حركة الجماعات الإرهابية، وضخت في عروقها مزيداً من الدماء، ورفدتها بكميات ضخمة من أسباب القوة، سواءً مالياً أو عسكرياً او إعلامياً، أو من خلال مرونة الحركة على الأرض دون أي تعرض لها من أي جهة كانت وبالذات في الجنوب، الذي بات مرتعاً خصباً لهذه الجماعات، ليس فقط تنظيم «القاعدة»، بل الجماعات الأخرى التي تفوقه تطرفاً وتشدداً مثل تنظيمي «الدولة الإسلامية» و«أنصار الشريعة»، التي تتخفى خلف الجماعات السلفية التي باتت تمتلك ليس فقط العتاد والسلاح، بل المعسكرات والقنوات السياسية والمالية والمراكز الدينية والجمعيات الخيرية التي تعتبر الرافد المهم لمواردها المالية سواء في اليمن أو بدول الجوار.
في الجنوب، يعتمد حزب «الإصلاح» على الذراع العسكري الديني، بعد أن فقد إلى حد كبير قاعدته الشعبية والعسكرية النظامية، وبالذات في المدن الكبيرة كعدن والمكلا. هذا الذراع «الإصلاحي» في الجنوب يريد منه «الإصلاح» أن يكون له بمثابة حصان طروادة، بعد أن تضع الحرب أوزارها، خصوصاً أن عملية تخفيه خلف تلك الأذرع العسكرية الدينية سهلة ومتاحة. فهو – أي «الإصلاح» – يجيد عملية تقمص الأدوار، ويبرع في التنكر والتخفي خلف السواتر. والجماعات الدينية في الجنوب، والتي تعمل على السطح، محسوبة على التيار السلفي المدعوم، عسكرياً ومالياً، سعودياً وإماراتياً منذ أول يوم من هذه الحرب، باعتباره الخصم العقائدي لكل القوى التي تحاربها جماعة الحوثي، والتي تعتبرها الجماعات السلفية جماعة مجوسية رافضية وجب قتالها، بل والقوى الشريكة معها في الحرب كحزب «الإصلاح» و«الحراك الجنوبي».
ولكن حزب «الإصلاح»، ومن واقع خبرته بتركيبة الجماعات الدينية بمختلف تفرعاتها وبحكم تواجده في مفاصلها منذ عقود، استطاع أن ينفد وبقوة إلى صفوف هذه الجماعات المتمركزة اليوم في الجنوب، وفي عدن تحديداً، ويعمل من خلال قياداتها ورموزها على تنفيذ أجندته السياسية بجلباب السلفية إلى حين، وإفشال أي جهود سياسية لقوى أخرى على الساحة الجنوبية، ومنها بالطبع الحراك الجنوبي، والجانب الإماراتي الذي بات يرى فيه هذا الحزب الخصم الرئيس له ولمشروعه، بل وبات يصنفه جهاراً نهاراً بقوة احتلال، وهذا يشي بأن ثمة أحداثاً دراماتيكية مثيرة تنتظر الجميع في قادم الأيام.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا